أخطار تهدد المباني الأثرية
صفحة 1 من اصل 1
أخطار تهدد المباني الأثرية
المقدمة :
یعتبر التراث الحضاري المعماري على اختلاف أشكاله و أنواعه مبعث فخر الأمم و اعتزازها
ودلیل على عراقتها و أصالتها ، أي أنه معبر عن الهویة الوطنیة و صلة وصل بین الماضي و الحاضر
و من المؤسف أن یكون ذلك التراث عرضة للضیاع والهدم و بالتالي الاندثار و الإهمال على خلاف
ذلك فإن الاهتمام العالمي بالتراث وحمایته قاد إلى إقامة مؤسسات دولیة ثم وطنیة تتولى الاهتمام به و
حمایته خاصة بعد الحربین العالمیتین الأولى و الثانیة و لا جرم أن نذكر ما قامت به منظمة الأمم
المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها مثل منظمة الیونیسكو على إحداث هیئات تساعد على حمایة المباني
التاریخیة والمواقع الأثریة كالمجلس الدولي للمباني و المواقع الأثریة (ICOMOS (و المركز الدولي
لحمایة الممتلكات الثقافیة و ترمیمها(ICCROM (
و مهما یكن فإن اهتمام الدول بالمباني الأثریة والتراثیة یختلف من دولة إلى أخرى وفق جملة من المعطیات تتخلص في القدرات المالیة و الثقافیة و
الفنیة و أیضا نظرتها إلى التراث و هنا أفتح قوسا لأذكر أن هناك من یرى ضرورة صیانة ذلك التراث
مؤداه تعبیر عن احترام الماضي و الحرص على مواصلة الحوار معه لما في ذلك من ربط الحاضر
بالماضي والتطلع إلى المستقبل و هناك من ینظر إلى التراث نظرة سلبیة یرى فیه دلالة على تخلف
الماضي و ضرورة التخلص منه و قد سببت تلك النظرة السلبیة تدمیر كثیر من المعالم التاریخیة فقد
هدمت بعض الباني الأثریة و التراثیة لاستخدام حجارتها في مباني أخرى مع التحفظ في ذكر المباني و
الدول ویمكن القول أن الصراع بین مؤیدي التراث المعماري ومعارضیه قد خلف كثیرالضحایا و أقصد هنا ضیاع المعالم التاریخیة و التراثیة خلاصة القول أن المادة الأثریة و المباني التاریخیة تحمل قیما فنیة وجمالیة و تاریخیة و ربما قد تخلو تلك المباني الأثریة من الزخارف و النقوش و
الكتابات لكنها تحمل القیمة العلمیة و الحضاریة و من هناك یتبادر إلى أذهانها إشكالیة المداخلة ما
المراد بالمباني التراثیة و الأثریة ، ما القیم التي تحملها ، وما هي طبیعة الأخطار التي تلحق بها وأخیر
كیف یمكن درء هذه الأخطار و معالجتها . و من أجل ذلك و لأجله فقد قسمت مداخلتي إلى ثلاثة مباحث
أتحدث في المبحث الأول عن مفهوم و تعریف المبنى التراثي و الأثري ثم القیم التي یحملها هذا
المبنى ثم طریقة التصنیف المعمول بها في المباني التراثیة و الأثریة في المبحث الثاني أتحدث عن
الأخطار التي تهدد المعالم الأثریة ما ارتبط بالطبیعة ثم بالإنسان و في المبحث الثالث عن كیفیة درء
الأخطار وطرق معالجتها وأخیر لاحظات في الخاتمة للارتقاء بالمباني التراثیة والأثریة.
المبحث الأول : تعریف المبنى التراثي الأثري
یجرنا الحدیث في تعریف المبنى التراثي و الأثري إلى كلمة التراث في علاقته بالمادة الأثریة فالمادة لا تصبح تراثا ما لم تكن اكتست قیمة نوعیة ننعتها بالتراث وهي بالأساس علاقة بین الإنسان والمادة أي تلك القیمة التي یمنحها المجتمع ذاته . ربطا بأن القیمة بالمفهوم العام هي قیم أخلاقیة ،
اجتماعیة و دینیة و هي بالإجمال تعبیر عن الوجود الإنساني في الوقت الذي تكون فیه حكما یصدره الإنسان .
تعریف المبنى التراثي : هو منشأة تتمیز بقیمة تاریخیة أو رمزیة أو معماریة أو فنیة أو عمرانیة أو اجتماعیة و قد اتفق على المباني و المنشآت التراثیة ینبغي أن تتسم بالآتي
- قبول المجتمع أي أن تحظى بقبول و تفاعل إیجابي من المجتمع بما یتیح لها الاستمراریة .
- ظاهرة ثقافیة و اجتماعیة أي أن تعبر عن ظواهر مادیة أو معنویة أو فكرة في حقبة زمنیة معینة .
- ٕ الصمود و الاستمراریة أي أن حالتها تسمح باستمراریة تواجدها وامكانیة التعامل معها.
-تصنیف المباني الأثریة :
أ- القیمة التاریخیة : و تتمثل في أن المبنى یرتبط بأحداث مؤثرة تعطیه أهمیة كجزء من ذاكرة المدینة
أو البلد و تعتبر هذه المباني كسجل لمجتمع و القیمة العامة لهذه الأبنیة تزداد بزیادة قدم المبنى و مدى
تعبیر المبنى عن عصره و أصالته مواد المبنى و ما طرأ علیها من تغیرات ولا تتأثر هذه القیمة بحالة
الأثر ویمكن قیاس القیمة التاریخیة لمباني باستخدام مؤشرین أساسیین هما :
المؤشر الزمني : یعبر عن تاریخ إنشاء الأثر أو المبنى فكلما كان تاریخ الأثر كبیر ا كلما زاد هذا
المؤشر و كلما أصبح المبنى أو الأثر ذا قیمة أكبر.
المؤشر المعنوي : و الذي یتأثر بعدة اعتبارات أهمها :
- مدى تعبیر المبنى عن عصره و تاریخه.
- أهمیة الفترة التاریخیة التي ینتمي إلیها المبنى
- ا ازدادت قیمته
ًمقیاس الندرة لنوعیة البناء فكلما كان نادر .
- قوة وتأثیر الحدث المرتبط بالمبنى أو المنشأة وأهمیته التاریخیة.
- عدم وجود إضافات أو تغییرات مخلة بالكیان المعماري لمبنى.
ب- القیمة العمرانیة : و تمثل القیمة العمرانیة المبنى الأثري كونه أحد المباني التي تؤلف فیما بینها
ا بتناسق كتلة وارتفاعاته و ألوانه و ما حوله و هذا ما یضمنه النسیج من
ً
ا ممیز
ً
ا تاریخی
ً
ا عمرانی
ً
نسیج
فراغات ذات طابع تاریخي خاص و قد لا یضم المبنى أي من القیم إلا أنه یمثل قیمة عمرانیة
بقائه ضمن النسیج التاریخي لتناسق ارتفاعاته و كتله مع ما حوله . المهم أن المبنى یكتسب أهمیته من
تواجده في منطقة عمرانیة مثلا و ذات طابع خاص تشكل ذاكرة المدینة إذ لا یمكن فصل المبنى عن
محیطه العمراني و لیس بالضرورة أن یكون منفردا و إنما تعود أهمیته لاعتبارات علاقته المتكاملة مع
موقعه العمراني و مع المباني المحیطة به .
ج- القیمة المعماریة الفنیة : و تشمل القیمة الجمالیة لمبنى الأثري بكونه عملا فنیا جمالیا و هي تمثل
الجانب الانفعالي لمبنى الأثري كالأبنیة التي تقام لغرض جمالي بحث مثل النصب التذكاریة و تعتبر
القیمة الفنیة و الجمالیة للأبنیة من المحددات الرئیسیة لقیمة المبنى كأحد الأبنیةالجدیرة بالحفاظ علیها
أما القیمة الوظیفیة فهي ما تتمیزبه الابنیة المعماریة عن الفنون الأخرى فجمیع الآثار المبنیة شیدت
لأغراض وظائف خاصة وتعتبر حالات مثالیة إذا كانت تستخدم حتى الیوم في نفس الوظیفة الأصلیة
كالمسجد و الكنیسة .
د- قیمة معنویة اجتماعیة : لكي یمثل المبنى قیمة اجتماعیة لأبد أن یرتبط على مر الزمن بوظائف
اجتماعیة مهمة بالمنطقة وأن یمثل انعكاسا لفكر أو عقیدة أو تقالید اجتماعیة بوجه عام .
ه- قیمة تقلیدیة محلیة : لا بد أن یكون المبنى أو المنشأة :
- جزء من عمارة حضریة أو ریفیة أو صحراویة لها طبیعة متكاملة تتمیز بتاریخها و عمارتها المتجانسة .
- ضمن مجموعة معماریة بها استخدم لمواد بناء میزة تعبر عن طبیعة المكان وتواءم مع الظروف المناخیة.
- بناء تقلیدي یعبر عن خبرات متراكمة عبر الأجیال من التصمیم والإنشاء والحرف التقلیدیة.
و- القیمة الرمزیة : كأن یرتبط مبنى بشخصیة كان لها تأثیرها الواضح في مسیرة المجتمع من حیث
المولد و النشأة أو الإقامة المستمرة و أن یتمیز المبنى بكونه نتاج تصمیم معماري لأحد رواد العمارة و
ا لتلك القیم المذكورة فإن المباني التراثیة تصنف إلى ثلاث فئات رئیسیة مرتبطة بالقیم التراثیة كما تصنف حالتها إلى عدة مستویات : جیدة -متدهورة جزئیا- متدهورة كلیا و الهدف من هذا التصنیف هووضع أولویات التعامل مع المباني التراثیة ، فالمباني الأهم توضع على رأس أولویات خطط الحفاظ
ویمكن تحدید مستویات التدخل المختلفة لمباني التراثیة بناء على ما یقره خبراء التراث المعماري والترمیم
وهي كالآتي
.
- مباني تراثیة فئة أ : ترمم مع عدم إجراء تعدیلات داخلیة و خارجیة إلا في أضیق الحدود .
- مباني تراثیة فئة ب : یسمح فیه بقدر من المرونة في عمل بعض التعدیلات الداخلیة.
- مباني تراثیة فئة ج : حیث یتاح بقدر كبیر من المرونة یصل إلى الهدم مع الاحتفاظ بالهیكل أو الواجهة
الخارجیة لمبنى فقط مع إعادة تأهیل أو إعادة بناء المبنى من الداخل كلیا.
المبحث الثاني : الأخطار التي تهد المباني التراثیة و الأثریة
ا للمباني التاریخیة و الأثریة و قد تسبب في هناك عدد كبیر من الأخطار التي تسبب ضرر
خرابها والتوقف عن استخدام تلك المباني و تآكلها التدریجي و یمكن إجمال تلك الأخطار في الأمور
الآتیة :
أ- الأضرار التي تسبها الطبیعة : و منها
1 -الزلازل و الصواعق : ً ا بالغة للمباني التاریخیة و الأثریة مثل الخلخة و التشقق و أحیانا تسب أضرار
الانهیار وغیرها من الأخطار و تتناسب هذه العملیة مع شدة الزلزال و مدتها ، أما في حالة الصواعق
فأمكن عن طریق تركیب مانعات الصواعق درءا لأخطارها و في هذه الحالة لا بد من دراسة المبنى
ودراسة توزیع و تركیب مانعات الصواعق و إجراء فحص دوري لها رغبة في إبقائها جاهزة الفعالیة و
خلاصة یمكن القول أن الزلازل و الصواعق تتسبب في تدمیر كثیر من المواقع و المباني التاریخیة و
تركها مع الزمن أثرا بعد عین.
2 -الأمطار و السیول : و من المخاطر الطبیعیة التي تتعرض لها المواقع الأثریة هطول الأمطار
بغزارة و لمدة أطول و أحیانا ما یسبب انجراف التربة التي تقوم فوقها المخلفات الحضاریة . أو زیادة نسبة الرطوبة فیها إضافة إلى ارتفاع منسوب المیاه خاصة في المدن الساحلیة أو الواقعة في الجزر أو تلك التي تقع على شواطئ الأنهار الكبیرة ، و أما السیول فتسبب انجراف التربة و تخلخلها .
3 -العوامل الجویة : و تظهر هذه العوامل في التقلبات الجویة كارتفاع درجة الحرارة و انخفاضها و
انخفاض و شدة الریاح التي تسبب الحت الذي یلحق أضرارا كثیرة بالمعالم التاریخیة و الأثریة و
بالمخلفات الفنیة .
ب- الأضرار الناتجة عن سلوك الإنسان : تحدث أمور عدیدة للمباني التاریخیة و الأثریة یكون مصدرها
الإنسان مثل الحرائق و الحروب و أعمال الهدم و التخریب و قد یتسبب الإنسان عن قصد في إشعال
النیران في المساكن الخاصة و العامة و یتطور ذلك فتسبب حرق السقوف الخشبیة مثلا و قد تحمل
زخارف نادرة و تسبب أیضا إلحاق الضرر بالحجارة التي تضعف مقاومتها بعد الحریق و عن أعمال
الهدم و التخریب فإن ضعف المراقبة یشجع أحیانا كثیرا من المؤسسات أو حتى الأفراد على القیام بأعمال
تؤدي إلى الهدم للمباني الأثریة و التاریخیة رغبة في تجدیدها أو إزالتها لإقامة بناء جدید مكانها نتیجة
الجهل بالقیمة التاریخیة للبناء أو عن عمد في بعض الأحیان و أخیر قد یلجأ بعض متصیدي التحف
إلى هدم المباني التاریخیة و أخذ عناصرها الزخرفیة و التاریخیة أو أحد الأعمدة أو التیجان أو مخلفات
أخرى طمعا في الكسب غیر المشروع قصد بیعها لهواة التحف و هناك خطر لا یقل أهمیة ناتج عن
حركة النمو العمراني و الدیمغرافي المرتبط بتنظیم المدن و القرى و إقامة المشاریع الكبرى كالسدود و
الأنابیب و إنشاء المطارات و الموانئ البحریة
ّ
السكك الحدیدیة و شق الطرق و مد
ّ
.
المبحث الثالث : درء الأخطاء التي تسبها الطبیعة و الإنسان و بعض طرق معالجتها
لدرء تلك الأخطار لابد من القیام بأعمال من شأنها أن توفر وسائل و أعمال إنقاذیة للمباني
التاریخیة المهددة بالأخطار التي یسببها الإنسان و الطبیعة و من أبرز تلك الأعمال مواجهة الأضرار
التي تحدثها الطبیعة كالزلازل و من الطبیعي أن لا یكون في مقدور الإنسان عمل شيء لتلافي الأضرار
الزلزالیة حیث تحدث تلك الزلازل فجأة و دون سابق إنذار و هذه الزلازل تسبب الخراب للمدن و القرى و
المنشآت الكبرى و هنا یمكن القول أن جهد الإنسان محدود إزاء الزلازل إلا فیما یتعلق بإخلاء بعض
المناطق و إنقاذ الناس من بعض الأخطار و هناك حدث آخر من أحداث الطبیعة و هو الصواعق ، فقد
ّ كبیر أضرارها المختلفة في المباني الأثریة وعرف الإنسان إقامة مانعات الصواعق التي تخفف إلى حد
القلاع التاریخیة و هناك خطر ثالث من أخطار الطبیعة و هو السیول والأمطار و هذه الأخطار یصعب تجنبها أحیانا و علیه لابد من اتخاذ تدابیر وقائیة لمواجهتها و التخفیف من أضرارها و من تلك الوسائل
عما قنوات و خنادق حول بعض المدن و القرى لدرء السیول لیسهل تصریف میاه الأمطار بعیدا عن تلك
المدن و القرى و منها كذلك زیادة مقاومة البناء و إصلاح نقاط الضعف تقذفها المیاه داخل البناء عبر
الشقوق الموجودة بالجدران و السقوف و الأساسات و هناك عدة طرق لعلاج مثل تلك الحالات عندما
تكون الأبنیة طینیة أو حجریة أو قرمیدیة ... إلخ ، و في حالة سقوف الجدران یمكن معالجتها بسد
الثغرات و المنافذ و رأب الصدوع باستعمال سائل إسمنتي (الروبة) یناسب تلك الحالات ، أما في حالة
السقوف المغطاة بالقرمید المرصوف أو بالإسمنت أو الطین و لوقایة تلك السقوف من الأضرار التي
تسببها الأمطار لابد من استكمال نواقص التغطیة السقفیة و إتقان تلاحم مكونات السقف كأن یلجأ إلى
تغییر السقف أو إصلاح الشقوق فیه و في حالة وجود سطح ترابي فمن المستحسن استبداله بسطح
إسمنتي و أما الأساسات العائدة للمباني فهناك عدة طرق لوقایتها من التأثر بالرطوبة و تسرب المیاه فهذه
ا للمباني الأثریة بسبب المیاه و الرطوبة العالیة من میاه الأنهار و الأمطارالمتجمعة في الأحواض خاصة في فصل الشتاء و هناك مشكلة هامة و مؤثرة على المباني الأثریة والتراثیة خاصة في البلدان العربیة و هي نمو النباتات على جدران هذه الأخیرة خاصة في المناطق التي
ترتفع فیها نسبة هطول الأمطار و الرطوبة و قد یجد البعض في قطع تلك النباتات خلاصا إلا أنه في بعض الأحیان تأتي النتائج عكسیة حین تعود الأشجار على النمو بقوة أكبر ،
منها قاذفات اللهب و المواد الكمیاویة التي تحقن بها الأشجار و لكنها لم تنجح ولازالت الأبحاث جاریة
ذكر أن شركة أدویة تدعى للتخلص من النباتات و ی (سیباوجیجي) (gigi Sipawd (
قد نجحت في التوصل إلى إیجاد مركب كیمیائي عرضته على مركز (ICCROM (المركز الدولي لحمایة الممتلكات
الثقافیة و ترمیمها فقدم نتائج جیدة .
و من تلك الأخطار أیضا انزلاق الأرض أو التأثر بالحت ، أو المناخ كارتفاع درجة الحرارة وشدة البرودة و هذه الأخطار و إن كان تأثیرها بطيء و لكنها شدیدة الخطر .
و مهما یكن فإن الإنسان رغم خبرته الطویلة لم یتوصل إلى حلول ناجعة رغم ذلك فهناك حلول
أقل كلفة و أقل فعالیة كان یعمد إلى نقل الزخارف و الأجزاء الحاملة لها إلى المتاحف أو أماكن تتوفر
فیها الحمایة و قد یلجأ إلى تغطیتها بمواد خفیفة لإبعاد التأثیرات المناخیة و قد یلجأ أیضا إقامة الحواجز
المصنوعة من السیلیكات الزجاجیة لحجب التأثیرات الخارجیة ( حرارة ، رطوبة ) عن زخارف و نقوش بعض السطوح وتعرف هذه الطریقة بالتزجیج
مع الملاحظة أن لهذه الطریقة مخاطرها ذلك لأنها تحول دون تنفس الجزء المعزول و تركه یتفاعل داخلیا و قد یؤدي إلى تلف الجزء المحجوب و تشقق الغطاء
الزجاجي .
- و فیما یتعلق بمواجهة الأخطار التي تتسبب فیها ید الإنسان كالحرائق و الهدم والتخریب المقصود و
التمدد العمراني فبالنسبة للحرائق فمن الضروري إبعاد الحرائق في المباني الأثریة و ذلك بتجنب استخدام
ا للمواد القابلة للاشتعال و إما استبعاد الأخطار التي تتولد عن هدم النار فیها و عدم اتخاذها مستودع
الانسان و تخریبه المقصود من جراء قیام مالكي المباني بهدمها أو تغییر معالمها أو إضافة شيء حدیث
بدافع المصلحة الشخصیة أو بسب الجهل بأهمیة الممتلكات الثقافیة یترتب عن هذا توعیة المواطن وتحسیسه بأهمیة التراث الحضاري و في نفس الآن تكثیف المراقبة.
و من المستحسن أیضا التوصل إلى اتفاق مع الجهات الحكومیة التي تتولى تنفیذ المشروعات الإنمائیة
لمعالجة لأخطار المهددة للتراث المعماري جرى توسع عمراني و من المؤسف أن ذلك التطور أدى إلى زوال كثیر من الأبنیة الأثریة و لعلاج هذه
المشكلة یرى الخبراء اتباع الخطوات التالیة :
- دراسة منطقة المشروع بدقة للتعرف على ما یتضمنه من آثار و ممتلكات ثقافیة و تقییمها من قبل خبراء
في العمارة و العمران و الآثار و الفنون .
ً - ا لحفظ المواقع و المباني التاریخیة وعدم تعرضها للخطر سیما عند وضع الدراسات التنفیذیة النهائیة .
- عند تعذر تعدیل الدراسات المتعلقة بالمشروع فإنه من الضروري البدء بوضع دراسة و خطة لانقاذها
بالسرعة الممكنة .
الخاتمة :
المدن التاریخیة ، المباني التراثیة و الأثریة المرآة التي نرى أنفسنا فیها إذا حافظنا علیها دون
الإخلال بالتوازن الدیمغرافي و الاقتصادي نكون قد أخرنا موت هذه المباني لسنوات فنكون قد أخرنا موت
هذه المباني لسنوات طویلة و فعلا نجحنا في الحفاظ علیها أولا و ثانیا فسحنا المجال لأنفسنا و لأبنائنا
القدرة على التمتع بالتراث الحضاري و العمراني و المعماري و للارتقاء بتلك المباني و حفظها یمكن
اقتراح ما یلي :
- وضع خطط لتفعیل البنى التحتیة لإحیاء المدن التراثیة و الأثریة .
- عدم ترك المباني الأثریة للإهمال و الهجر و عبث العابثین فمن الضروري تفعیل وظیفتها و إعطاؤها
الدور الذي تستحقه .
- إجراء مسح أثري و تراثي للمنطقة المراد حمایتها و التعرف على ألأهمیة المباني الأثریة و التراثیة و
التاریخیة و الفنیة و عمل مخططات أولیة لها و توثیقها .
- إعداد قوائم بالمباني الأثریة و التراثیة المراد حمایتها و بذلك تكون تحت مظلة الحمایة القانونیة بعد
إصدار قرارات من السلطة .
- المراقبة المكثفة فالتشریعات و الدراسات المذكورة آنفا غیر كافیة فكم من بناء مسجل هدمه أصحابه وتوخیا من الكسب المادي ـ أو أجروا إصلاحا یسيء إلى عراقته و قیمته التاریخیة
- التوعیة و تتخلص بتعریف المواطن بأهمیة الآثار الثقافیة و الاقتصادیة له و لغیره و انتهاز الفرصة و
إثارة اهتمامه بالتراث و إشعاره بالسؤولیة .
- إشراك المواطنین في تحمل مسؤولیة حمایة التراث الوطني الأثري و التراثي لتحسیسهم بذلك وجب إدخالهم
و إشراكهم في اللجان الحكومیة المختصة مع إحداث مؤسسات تساعد على توعیة المواطنین و شاغلي
الأبنیة و شرح أبعاد قضیة التراث و فائدتها للمواطنین و للهویة و مطالبة السلطات الفاعلة بتخصیص
الأموال لحمایة تلك المباني و ترشید استخدام تلك الأغلفة المالیة مع إصدار التشریعات المنظمة لذلك .
المصدر :
من مقالات
أ. لعمى عبد الرحیم
جامعة یحي فارس
الجزائر
یعتبر التراث الحضاري المعماري على اختلاف أشكاله و أنواعه مبعث فخر الأمم و اعتزازها
ودلیل على عراقتها و أصالتها ، أي أنه معبر عن الهویة الوطنیة و صلة وصل بین الماضي و الحاضر
و من المؤسف أن یكون ذلك التراث عرضة للضیاع والهدم و بالتالي الاندثار و الإهمال على خلاف
ذلك فإن الاهتمام العالمي بالتراث وحمایته قاد إلى إقامة مؤسسات دولیة ثم وطنیة تتولى الاهتمام به و
حمایته خاصة بعد الحربین العالمیتین الأولى و الثانیة و لا جرم أن نذكر ما قامت به منظمة الأمم
المتحدة والمنظمات المتفرعة عنها مثل منظمة الیونیسكو على إحداث هیئات تساعد على حمایة المباني
التاریخیة والمواقع الأثریة كالمجلس الدولي للمباني و المواقع الأثریة (ICOMOS (و المركز الدولي
لحمایة الممتلكات الثقافیة و ترمیمها(ICCROM (
و مهما یكن فإن اهتمام الدول بالمباني الأثریة والتراثیة یختلف من دولة إلى أخرى وفق جملة من المعطیات تتخلص في القدرات المالیة و الثقافیة و
الفنیة و أیضا نظرتها إلى التراث و هنا أفتح قوسا لأذكر أن هناك من یرى ضرورة صیانة ذلك التراث
مؤداه تعبیر عن احترام الماضي و الحرص على مواصلة الحوار معه لما في ذلك من ربط الحاضر
بالماضي والتطلع إلى المستقبل و هناك من ینظر إلى التراث نظرة سلبیة یرى فیه دلالة على تخلف
الماضي و ضرورة التخلص منه و قد سببت تلك النظرة السلبیة تدمیر كثیر من المعالم التاریخیة فقد
هدمت بعض الباني الأثریة و التراثیة لاستخدام حجارتها في مباني أخرى مع التحفظ في ذكر المباني و
الدول ویمكن القول أن الصراع بین مؤیدي التراث المعماري ومعارضیه قد خلف كثیرالضحایا و أقصد هنا ضیاع المعالم التاریخیة و التراثیة خلاصة القول أن المادة الأثریة و المباني التاریخیة تحمل قیما فنیة وجمالیة و تاریخیة و ربما قد تخلو تلك المباني الأثریة من الزخارف و النقوش و
الكتابات لكنها تحمل القیمة العلمیة و الحضاریة و من هناك یتبادر إلى أذهانها إشكالیة المداخلة ما
المراد بالمباني التراثیة و الأثریة ، ما القیم التي تحملها ، وما هي طبیعة الأخطار التي تلحق بها وأخیر
كیف یمكن درء هذه الأخطار و معالجتها . و من أجل ذلك و لأجله فقد قسمت مداخلتي إلى ثلاثة مباحث
أتحدث في المبحث الأول عن مفهوم و تعریف المبنى التراثي و الأثري ثم القیم التي یحملها هذا
المبنى ثم طریقة التصنیف المعمول بها في المباني التراثیة و الأثریة في المبحث الثاني أتحدث عن
الأخطار التي تهدد المعالم الأثریة ما ارتبط بالطبیعة ثم بالإنسان و في المبحث الثالث عن كیفیة درء
الأخطار وطرق معالجتها وأخیر لاحظات في الخاتمة للارتقاء بالمباني التراثیة والأثریة.
المبحث الأول : تعریف المبنى التراثي الأثري
یجرنا الحدیث في تعریف المبنى التراثي و الأثري إلى كلمة التراث في علاقته بالمادة الأثریة فالمادة لا تصبح تراثا ما لم تكن اكتست قیمة نوعیة ننعتها بالتراث وهي بالأساس علاقة بین الإنسان والمادة أي تلك القیمة التي یمنحها المجتمع ذاته . ربطا بأن القیمة بالمفهوم العام هي قیم أخلاقیة ،
اجتماعیة و دینیة و هي بالإجمال تعبیر عن الوجود الإنساني في الوقت الذي تكون فیه حكما یصدره الإنسان .
تعریف المبنى التراثي : هو منشأة تتمیز بقیمة تاریخیة أو رمزیة أو معماریة أو فنیة أو عمرانیة أو اجتماعیة و قد اتفق على المباني و المنشآت التراثیة ینبغي أن تتسم بالآتي
- قبول المجتمع أي أن تحظى بقبول و تفاعل إیجابي من المجتمع بما یتیح لها الاستمراریة .
- ظاهرة ثقافیة و اجتماعیة أي أن تعبر عن ظواهر مادیة أو معنویة أو فكرة في حقبة زمنیة معینة .
- ٕ الصمود و الاستمراریة أي أن حالتها تسمح باستمراریة تواجدها وامكانیة التعامل معها.
-تصنیف المباني الأثریة :
أ- القیمة التاریخیة : و تتمثل في أن المبنى یرتبط بأحداث مؤثرة تعطیه أهمیة كجزء من ذاكرة المدینة
أو البلد و تعتبر هذه المباني كسجل لمجتمع و القیمة العامة لهذه الأبنیة تزداد بزیادة قدم المبنى و مدى
تعبیر المبنى عن عصره و أصالته مواد المبنى و ما طرأ علیها من تغیرات ولا تتأثر هذه القیمة بحالة
الأثر ویمكن قیاس القیمة التاریخیة لمباني باستخدام مؤشرین أساسیین هما :
المؤشر الزمني : یعبر عن تاریخ إنشاء الأثر أو المبنى فكلما كان تاریخ الأثر كبیر ا كلما زاد هذا
المؤشر و كلما أصبح المبنى أو الأثر ذا قیمة أكبر.
المؤشر المعنوي : و الذي یتأثر بعدة اعتبارات أهمها :
- مدى تعبیر المبنى عن عصره و تاریخه.
- أهمیة الفترة التاریخیة التي ینتمي إلیها المبنى
- ا ازدادت قیمته
ًمقیاس الندرة لنوعیة البناء فكلما كان نادر .
- قوة وتأثیر الحدث المرتبط بالمبنى أو المنشأة وأهمیته التاریخیة.
- عدم وجود إضافات أو تغییرات مخلة بالكیان المعماري لمبنى.
ب- القیمة العمرانیة : و تمثل القیمة العمرانیة المبنى الأثري كونه أحد المباني التي تؤلف فیما بینها
ا بتناسق كتلة وارتفاعاته و ألوانه و ما حوله و هذا ما یضمنه النسیج من
ً
ا ممیز
ً
ا تاریخی
ً
ا عمرانی
ً
نسیج
فراغات ذات طابع تاریخي خاص و قد لا یضم المبنى أي من القیم إلا أنه یمثل قیمة عمرانیة
بقائه ضمن النسیج التاریخي لتناسق ارتفاعاته و كتله مع ما حوله . المهم أن المبنى یكتسب أهمیته من
تواجده في منطقة عمرانیة مثلا و ذات طابع خاص تشكل ذاكرة المدینة إذ لا یمكن فصل المبنى عن
محیطه العمراني و لیس بالضرورة أن یكون منفردا و إنما تعود أهمیته لاعتبارات علاقته المتكاملة مع
موقعه العمراني و مع المباني المحیطة به .
ج- القیمة المعماریة الفنیة : و تشمل القیمة الجمالیة لمبنى الأثري بكونه عملا فنیا جمالیا و هي تمثل
الجانب الانفعالي لمبنى الأثري كالأبنیة التي تقام لغرض جمالي بحث مثل النصب التذكاریة و تعتبر
القیمة الفنیة و الجمالیة للأبنیة من المحددات الرئیسیة لقیمة المبنى كأحد الأبنیةالجدیرة بالحفاظ علیها
أما القیمة الوظیفیة فهي ما تتمیزبه الابنیة المعماریة عن الفنون الأخرى فجمیع الآثار المبنیة شیدت
لأغراض وظائف خاصة وتعتبر حالات مثالیة إذا كانت تستخدم حتى الیوم في نفس الوظیفة الأصلیة
كالمسجد و الكنیسة .
د- قیمة معنویة اجتماعیة : لكي یمثل المبنى قیمة اجتماعیة لأبد أن یرتبط على مر الزمن بوظائف
اجتماعیة مهمة بالمنطقة وأن یمثل انعكاسا لفكر أو عقیدة أو تقالید اجتماعیة بوجه عام .
ه- قیمة تقلیدیة محلیة : لا بد أن یكون المبنى أو المنشأة :
- جزء من عمارة حضریة أو ریفیة أو صحراویة لها طبیعة متكاملة تتمیز بتاریخها و عمارتها المتجانسة .
- ضمن مجموعة معماریة بها استخدم لمواد بناء میزة تعبر عن طبیعة المكان وتواءم مع الظروف المناخیة.
- بناء تقلیدي یعبر عن خبرات متراكمة عبر الأجیال من التصمیم والإنشاء والحرف التقلیدیة.
و- القیمة الرمزیة : كأن یرتبط مبنى بشخصیة كان لها تأثیرها الواضح في مسیرة المجتمع من حیث
المولد و النشأة أو الإقامة المستمرة و أن یتمیز المبنى بكونه نتاج تصمیم معماري لأحد رواد العمارة و
ا لتلك القیم المذكورة فإن المباني التراثیة تصنف إلى ثلاث فئات رئیسیة مرتبطة بالقیم التراثیة كما تصنف حالتها إلى عدة مستویات : جیدة -متدهورة جزئیا- متدهورة كلیا و الهدف من هذا التصنیف هووضع أولویات التعامل مع المباني التراثیة ، فالمباني الأهم توضع على رأس أولویات خطط الحفاظ
ویمكن تحدید مستویات التدخل المختلفة لمباني التراثیة بناء على ما یقره خبراء التراث المعماري والترمیم
وهي كالآتي
.
- مباني تراثیة فئة أ : ترمم مع عدم إجراء تعدیلات داخلیة و خارجیة إلا في أضیق الحدود .
- مباني تراثیة فئة ب : یسمح فیه بقدر من المرونة في عمل بعض التعدیلات الداخلیة.
- مباني تراثیة فئة ج : حیث یتاح بقدر كبیر من المرونة یصل إلى الهدم مع الاحتفاظ بالهیكل أو الواجهة
الخارجیة لمبنى فقط مع إعادة تأهیل أو إعادة بناء المبنى من الداخل كلیا.
المبحث الثاني : الأخطار التي تهد المباني التراثیة و الأثریة
ا للمباني التاریخیة و الأثریة و قد تسبب في هناك عدد كبیر من الأخطار التي تسبب ضرر
خرابها والتوقف عن استخدام تلك المباني و تآكلها التدریجي و یمكن إجمال تلك الأخطار في الأمور
الآتیة :
أ- الأضرار التي تسبها الطبیعة : و منها
1 -الزلازل و الصواعق : ً ا بالغة للمباني التاریخیة و الأثریة مثل الخلخة و التشقق و أحیانا تسب أضرار
الانهیار وغیرها من الأخطار و تتناسب هذه العملیة مع شدة الزلزال و مدتها ، أما في حالة الصواعق
فأمكن عن طریق تركیب مانعات الصواعق درءا لأخطارها و في هذه الحالة لا بد من دراسة المبنى
ودراسة توزیع و تركیب مانعات الصواعق و إجراء فحص دوري لها رغبة في إبقائها جاهزة الفعالیة و
خلاصة یمكن القول أن الزلازل و الصواعق تتسبب في تدمیر كثیر من المواقع و المباني التاریخیة و
تركها مع الزمن أثرا بعد عین.
2 -الأمطار و السیول : و من المخاطر الطبیعیة التي تتعرض لها المواقع الأثریة هطول الأمطار
بغزارة و لمدة أطول و أحیانا ما یسبب انجراف التربة التي تقوم فوقها المخلفات الحضاریة . أو زیادة نسبة الرطوبة فیها إضافة إلى ارتفاع منسوب المیاه خاصة في المدن الساحلیة أو الواقعة في الجزر أو تلك التي تقع على شواطئ الأنهار الكبیرة ، و أما السیول فتسبب انجراف التربة و تخلخلها .
3 -العوامل الجویة : و تظهر هذه العوامل في التقلبات الجویة كارتفاع درجة الحرارة و انخفاضها و
انخفاض و شدة الریاح التي تسبب الحت الذي یلحق أضرارا كثیرة بالمعالم التاریخیة و الأثریة و
بالمخلفات الفنیة .
ب- الأضرار الناتجة عن سلوك الإنسان : تحدث أمور عدیدة للمباني التاریخیة و الأثریة یكون مصدرها
الإنسان مثل الحرائق و الحروب و أعمال الهدم و التخریب و قد یتسبب الإنسان عن قصد في إشعال
النیران في المساكن الخاصة و العامة و یتطور ذلك فتسبب حرق السقوف الخشبیة مثلا و قد تحمل
زخارف نادرة و تسبب أیضا إلحاق الضرر بالحجارة التي تضعف مقاومتها بعد الحریق و عن أعمال
الهدم و التخریب فإن ضعف المراقبة یشجع أحیانا كثیرا من المؤسسات أو حتى الأفراد على القیام بأعمال
تؤدي إلى الهدم للمباني الأثریة و التاریخیة رغبة في تجدیدها أو إزالتها لإقامة بناء جدید مكانها نتیجة
الجهل بالقیمة التاریخیة للبناء أو عن عمد في بعض الأحیان و أخیر قد یلجأ بعض متصیدي التحف
إلى هدم المباني التاریخیة و أخذ عناصرها الزخرفیة و التاریخیة أو أحد الأعمدة أو التیجان أو مخلفات
أخرى طمعا في الكسب غیر المشروع قصد بیعها لهواة التحف و هناك خطر لا یقل أهمیة ناتج عن
حركة النمو العمراني و الدیمغرافي المرتبط بتنظیم المدن و القرى و إقامة المشاریع الكبرى كالسدود و
الأنابیب و إنشاء المطارات و الموانئ البحریة
ّ
السكك الحدیدیة و شق الطرق و مد
ّ
.
المبحث الثالث : درء الأخطاء التي تسبها الطبیعة و الإنسان و بعض طرق معالجتها
لدرء تلك الأخطار لابد من القیام بأعمال من شأنها أن توفر وسائل و أعمال إنقاذیة للمباني
التاریخیة المهددة بالأخطار التي یسببها الإنسان و الطبیعة و من أبرز تلك الأعمال مواجهة الأضرار
التي تحدثها الطبیعة كالزلازل و من الطبیعي أن لا یكون في مقدور الإنسان عمل شيء لتلافي الأضرار
الزلزالیة حیث تحدث تلك الزلازل فجأة و دون سابق إنذار و هذه الزلازل تسبب الخراب للمدن و القرى و
المنشآت الكبرى و هنا یمكن القول أن جهد الإنسان محدود إزاء الزلازل إلا فیما یتعلق بإخلاء بعض
المناطق و إنقاذ الناس من بعض الأخطار و هناك حدث آخر من أحداث الطبیعة و هو الصواعق ، فقد
ّ كبیر أضرارها المختلفة في المباني الأثریة وعرف الإنسان إقامة مانعات الصواعق التي تخفف إلى حد
القلاع التاریخیة و هناك خطر ثالث من أخطار الطبیعة و هو السیول والأمطار و هذه الأخطار یصعب تجنبها أحیانا و علیه لابد من اتخاذ تدابیر وقائیة لمواجهتها و التخفیف من أضرارها و من تلك الوسائل
عما قنوات و خنادق حول بعض المدن و القرى لدرء السیول لیسهل تصریف میاه الأمطار بعیدا عن تلك
المدن و القرى و منها كذلك زیادة مقاومة البناء و إصلاح نقاط الضعف تقذفها المیاه داخل البناء عبر
الشقوق الموجودة بالجدران و السقوف و الأساسات و هناك عدة طرق لعلاج مثل تلك الحالات عندما
تكون الأبنیة طینیة أو حجریة أو قرمیدیة ... إلخ ، و في حالة سقوف الجدران یمكن معالجتها بسد
الثغرات و المنافذ و رأب الصدوع باستعمال سائل إسمنتي (الروبة) یناسب تلك الحالات ، أما في حالة
السقوف المغطاة بالقرمید المرصوف أو بالإسمنت أو الطین و لوقایة تلك السقوف من الأضرار التي
تسببها الأمطار لابد من استكمال نواقص التغطیة السقفیة و إتقان تلاحم مكونات السقف كأن یلجأ إلى
تغییر السقف أو إصلاح الشقوق فیه و في حالة وجود سطح ترابي فمن المستحسن استبداله بسطح
إسمنتي و أما الأساسات العائدة للمباني فهناك عدة طرق لوقایتها من التأثر بالرطوبة و تسرب المیاه فهذه
ا للمباني الأثریة بسبب المیاه و الرطوبة العالیة من میاه الأنهار و الأمطارالمتجمعة في الأحواض خاصة في فصل الشتاء و هناك مشكلة هامة و مؤثرة على المباني الأثریة والتراثیة خاصة في البلدان العربیة و هي نمو النباتات على جدران هذه الأخیرة خاصة في المناطق التي
ترتفع فیها نسبة هطول الأمطار و الرطوبة و قد یجد البعض في قطع تلك النباتات خلاصا إلا أنه في بعض الأحیان تأتي النتائج عكسیة حین تعود الأشجار على النمو بقوة أكبر ،
منها قاذفات اللهب و المواد الكمیاویة التي تحقن بها الأشجار و لكنها لم تنجح ولازالت الأبحاث جاریة
ذكر أن شركة أدویة تدعى للتخلص من النباتات و ی (سیباوجیجي) (gigi Sipawd (
قد نجحت في التوصل إلى إیجاد مركب كیمیائي عرضته على مركز (ICCROM (المركز الدولي لحمایة الممتلكات
الثقافیة و ترمیمها فقدم نتائج جیدة .
و من تلك الأخطار أیضا انزلاق الأرض أو التأثر بالحت ، أو المناخ كارتفاع درجة الحرارة وشدة البرودة و هذه الأخطار و إن كان تأثیرها بطيء و لكنها شدیدة الخطر .
و مهما یكن فإن الإنسان رغم خبرته الطویلة لم یتوصل إلى حلول ناجعة رغم ذلك فهناك حلول
أقل كلفة و أقل فعالیة كان یعمد إلى نقل الزخارف و الأجزاء الحاملة لها إلى المتاحف أو أماكن تتوفر
فیها الحمایة و قد یلجأ إلى تغطیتها بمواد خفیفة لإبعاد التأثیرات المناخیة و قد یلجأ أیضا إقامة الحواجز
المصنوعة من السیلیكات الزجاجیة لحجب التأثیرات الخارجیة ( حرارة ، رطوبة ) عن زخارف و نقوش بعض السطوح وتعرف هذه الطریقة بالتزجیج
مع الملاحظة أن لهذه الطریقة مخاطرها ذلك لأنها تحول دون تنفس الجزء المعزول و تركه یتفاعل داخلیا و قد یؤدي إلى تلف الجزء المحجوب و تشقق الغطاء
الزجاجي .
- و فیما یتعلق بمواجهة الأخطار التي تتسبب فیها ید الإنسان كالحرائق و الهدم والتخریب المقصود و
التمدد العمراني فبالنسبة للحرائق فمن الضروري إبعاد الحرائق في المباني الأثریة و ذلك بتجنب استخدام
ا للمواد القابلة للاشتعال و إما استبعاد الأخطار التي تتولد عن هدم النار فیها و عدم اتخاذها مستودع
الانسان و تخریبه المقصود من جراء قیام مالكي المباني بهدمها أو تغییر معالمها أو إضافة شيء حدیث
بدافع المصلحة الشخصیة أو بسب الجهل بأهمیة الممتلكات الثقافیة یترتب عن هذا توعیة المواطن وتحسیسه بأهمیة التراث الحضاري و في نفس الآن تكثیف المراقبة.
و من المستحسن أیضا التوصل إلى اتفاق مع الجهات الحكومیة التي تتولى تنفیذ المشروعات الإنمائیة
لمعالجة لأخطار المهددة للتراث المعماري جرى توسع عمراني و من المؤسف أن ذلك التطور أدى إلى زوال كثیر من الأبنیة الأثریة و لعلاج هذه
المشكلة یرى الخبراء اتباع الخطوات التالیة :
- دراسة منطقة المشروع بدقة للتعرف على ما یتضمنه من آثار و ممتلكات ثقافیة و تقییمها من قبل خبراء
في العمارة و العمران و الآثار و الفنون .
ً - ا لحفظ المواقع و المباني التاریخیة وعدم تعرضها للخطر سیما عند وضع الدراسات التنفیذیة النهائیة .
- عند تعذر تعدیل الدراسات المتعلقة بالمشروع فإنه من الضروري البدء بوضع دراسة و خطة لانقاذها
بالسرعة الممكنة .
الخاتمة :
المدن التاریخیة ، المباني التراثیة و الأثریة المرآة التي نرى أنفسنا فیها إذا حافظنا علیها دون
الإخلال بالتوازن الدیمغرافي و الاقتصادي نكون قد أخرنا موت هذه المباني لسنوات فنكون قد أخرنا موت
هذه المباني لسنوات طویلة و فعلا نجحنا في الحفاظ علیها أولا و ثانیا فسحنا المجال لأنفسنا و لأبنائنا
القدرة على التمتع بالتراث الحضاري و العمراني و المعماري و للارتقاء بتلك المباني و حفظها یمكن
اقتراح ما یلي :
- وضع خطط لتفعیل البنى التحتیة لإحیاء المدن التراثیة و الأثریة .
- عدم ترك المباني الأثریة للإهمال و الهجر و عبث العابثین فمن الضروري تفعیل وظیفتها و إعطاؤها
الدور الذي تستحقه .
- إجراء مسح أثري و تراثي للمنطقة المراد حمایتها و التعرف على ألأهمیة المباني الأثریة و التراثیة و
التاریخیة و الفنیة و عمل مخططات أولیة لها و توثیقها .
- إعداد قوائم بالمباني الأثریة و التراثیة المراد حمایتها و بذلك تكون تحت مظلة الحمایة القانونیة بعد
إصدار قرارات من السلطة .
- المراقبة المكثفة فالتشریعات و الدراسات المذكورة آنفا غیر كافیة فكم من بناء مسجل هدمه أصحابه وتوخیا من الكسب المادي ـ أو أجروا إصلاحا یسيء إلى عراقته و قیمته التاریخیة
- التوعیة و تتخلص بتعریف المواطن بأهمیة الآثار الثقافیة و الاقتصادیة له و لغیره و انتهاز الفرصة و
إثارة اهتمامه بالتراث و إشعاره بالسؤولیة .
- إشراك المواطنین في تحمل مسؤولیة حمایة التراث الوطني الأثري و التراثي لتحسیسهم بذلك وجب إدخالهم
و إشراكهم في اللجان الحكومیة المختصة مع إحداث مؤسسات تساعد على توعیة المواطنین و شاغلي
الأبنیة و شرح أبعاد قضیة التراث و فائدتها للمواطنین و للهویة و مطالبة السلطات الفاعلة بتخصیص
الأموال لحمایة تلك المباني و ترشید استخدام تلك الأغلفة المالیة مع إصدار التشریعات المنظمة لذلك .
المصدر :
من مقالات
أ. لعمى عبد الرحیم
جامعة یحي فارس
الجزائر
قديم التراث- Admin
- المساهمات : 196
تاريخ التسجيل : 31/07/2020
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى